بان الموتحل والغريق يصليان بحسب الإمكان فيقصران في الكيفية ، وأما الكمية فلا تقصر إلا في سفر أو خوف.
اما الأول فعلل بان ما لا يتعكن منه ليس بواجب ، قال في الذخيرة بعد نقل ذلك : والمستفاد من ذلك عدم وجوب استيفاء الأفعال ، واما وجوب الإيماء بدله فيحتاج الى دليل آخر وكأنه إجماعي ، والتوصل الى اليقين بالبراءة من التكليف الثابت انما يصحل به. انتهى.
أقول : حاصل كلامه ان مقتضى التعليل المذكور سقوط ما لم يمكن الإتيان به من أفعال الصلاة ، واما انه ينتقل من ذلك الفعل الى بدل آخر فلا دلالة للتعليل عليه إلا من حيث توقف يقين البراءة على ذلك.
وفيه انه لما كان المعهود من الشرع في غير موضع هو أنه مع تعذر الأفعال المعهودة في الصلاة ينتقل منها إلى أشياء جعلها الشارع بدلا عنها مع تعذرها فالواجب هنا الجري على ذلك ، وتوضيحه ان الصلاة المأمور بها شرعا تقع على أنحاء عديدة ومراتب متفاوتة باعتبار حال المكلف قوة وضعفا ، فكل ما أمكن منها في هذه المراتب أصالة أو بدلا وجب الإتيان به وما لم يمكن يسقط ، ومن جملة ذلك الركوع والسجود فإنه مع تعذره ينتقل منه الى الإيماء والقيام ينتقل منه الى القعود ثم الى الاضطجاع على ما تقدم تفصيله في محله ، وهكذا «بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ» (١).
واما الثاني فعلل بان مقتضى الأصل وجوب الإتمام قام الدليل على وجوب التقصير في الكمية حال السفر والخوف فوجب استثناؤه وبقي ما بقي ومنه محل البحث إلا ان شيخنا الشهيد في الذكرى قال بعد ذكر الحكم المذكور : نعم لو خاف من إتمام الصلاة استيلاء الغرق عليه ورجا عند قصر العدد سلامته وضاق الوقت فالظاهر انه يقصر العدد أيضا.
__________________
(١) سورة القيامة الآية ١٤.