فأوجب القصر في ما بقي من الذهاب. وأشار بالخبر الآتي الذي استدل به الشيخ الى خبر صفوان المتقدم (١) وأشار بخبر الفطحية الآتي الى
ما رواه عمار في الموثق (٢) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يخرج في حاجته وهو لا يريد السفر فيمضي في ذلك يتمادى به المضي حتى يمضى به ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته؟ قال يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع الى منزله».
قال في الوافي ذيل هذا الخبر ايضا : وذلك لانه صار حينئذ مسافرا ناويا لقطع المسافة المعتبرة في التقصير وان لم يكن قصد من الأول ذلك. كذا في التهذيب. انتهى والظاهر ان وجه الاستدلال بهذا الخبر على ما ذكره هو حكمه عليهالسلام بالتقصير بعد حصول ثمانية فراسخ أعم من أن يكون ضم إليها شيئا من الذهاب أو رجع بعد تمام الثمانية ، وظاهره في التهذيب ذلك أيضا لإطلاق كلامه كإطلاق الرواية.
والوجه فيه ما ذكره سابقا من حصول القصد إلى الإياب الذي قد صار مسافة فيضم إليها ما بقي من الذهاب ، وعلى هذا فيدل الخبر المذكور على ضم الذهاب إلى الإياب خلافا لما هو المشهور بينهم من عدم ضم أحدهما إلى الآخر إلا في الصورة المتقدمة.
وأما خبر عمار الأول فما ذكره فيه من التأويل الراجع الى ما دل عليه هذا الخبر لا يخلو من إشكال ، لأن ما ذكره مبنى على ان المعنى في جوابه عليهالسلام ان هذا الذي قطع المسافة على هذا الوجه لا يكون مسافرا حتى يمضى له من خروجه من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، فإذا مضت له ثمانية فراسخ كان مسافرا لحصول المسافة المقصودة من الإياب ويضم إليها ما بقي من الذهاب ان كان ، وعلى هذا قوله عليهالسلام «فليتم الصلاة» يعني قبل بلوغ الثمانية. ومن المحتمل ان مراده عليهالسلام بهذه العبارة أعني قوله «لا يكون مسافرا حتى يسير. الى آخره» انما هو أن ما اتى به من السفر من قرية إلى قرية على الوجه المذكور ليس بسفر شرعي يوجب التقصير
__________________
(١) ص ٣٢٦.
(٢) الوسائل الباب ٤ من صلاة المسافر.