على التقية بغير المعنى الذي ذكرناه ، قال لأن الشافعي وجماعة منهم قائلون بإقامة الأربعة ولا يحسبون يوم الدخول ويوم الخروج فتحصل خمسة ملفقة (١) وسياق الخبر ايضا يدل عليه كما لا يخفى على الخبير. انتهى ـ
فظني بعده لأن الأخبار المتعلقة بهذا الحكم متى ضم بعضها الى بعض فإنها واضحة الدلالة طافحة المقالة في ما ذكرناه من اختصاص الحكم بالبلدين المذكورين ، وان الوجه في التقية هو ما علل به في صحيحة معاوية بن وهب المذكورة ، على ان ما ذكره متوقف على ثبوت التلفيق وقد عرفت من ما تقدم انه محل اشكال.
وأما ما ذكره الشيخ ايضا ـ من الحمل على الاستحباب وان جنح إليه جملة ممن تأخر عنه من الأصحاب ـ فقد عرفت من ما قدمناه في غير موضع انه مع كونه لا مستند له من سنة ولا كتاب مدفوع بان الاستحباب حكم شرعي كالوجوب والتحريم يتوقف على الدليل الواضح ، ومجرد اختلاف الأخبار لا يستلزم ذلك لجواز أن يكون لذلك وجه آخر من تقية ونحوها.
وممن ناقش الشيخ في هذا الحمل زيادة على ما ذكره في الذكرى العلامة في المختلف حيث قال ـ بعد أن نقل عن الشيخ حمل حسنة أبي أيوب على الاستحباب أو لا ثم على مكة والمدينة ثانيا ـ ما صورته : والحمل الأول ليس بجيد لأن فرضه التقصير.
وأما ما اعترض به في المنتقى على الشهيد ـ كما قدمنا نقله من المناقشة وقوله : «ان في ذلك سدا لباب التخيير. الى آخره» فالظاهر انه ليس في محله ، وذلك فان الظاهر ان مراد الشهيد وكذا العلامة كما سمعت من كلامه في المختلف انما هو ان الشارع قد أوجب على المسافر المستكمل للشروط المعتبرة القصر عزيمة ، وهذا المسافر الناوي خمسة من جملة ذلك فيكون القصر عليه عزيمة ، واستثناؤه من الضابط المذكور يحتاج الى دليل واضح ، ومجرد دلالة هذا الخبر على انقطاع السفر بإقامة خمسة
__________________
(١) المهذب ج ١ ص ١٠٣ وبدائع الصنائع ج. ص ٩٧.