وان لم يجد النفقة إلى عياله مدة غيبته.
قلنا : نعم الأمر كذلك ولكن قام الدليل ـ كما تقدم ـ على وجوب ذلك فيخص به عموم الآية ، واما هنا فلم يقم دليل على ذلك كما سيتضح لك ان شاء الله تعالى.
وتدل عليه ايضا الروايات المتقدمة في الشرط الثالث ، مثل صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي (١) المشتملة على ان كل من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج ، وحسنة الحلبي المشتملة على ان من عرض عليه ما يحج به فاستحى من ذلك فهو ممن يستطيع الحج (٢) ونحوهما من ما تقدم.
احتج الشيخ ـ على ما نقله في المختلف ـ بأصالة البراءة ، والإجماع ، ورواية أبي الربيع الشامي المتقدمة (٣).
ورد بأن أصالة البراءة إنما يصار إليها إذا لم يدل على خلافها دليل. والإجماع غير ثابت. والخبر غير دال على ما ادعاه ، بل ظاهره إنما هو الدلالة على نفقة عياله مدة ذهابه وإيابه لا الرجوع الى كفاية.
نعم قد روى هذه الرواية الشيخ المفيد في المقنعة (٤) بزيادة ربما توهم ما ذهبا إليه ، فإنه روى الرواية هكذا : «قد قيل لأبي جعفر عليهالسلام ذلك فقال : هلك الناس ، إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما ومقدار ذلك ما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس فقد وجب عليه ان يحج بذلك ثم يرجع فيسأل الناس بكفه ، لقد هلك الناس اذن. فقيل له : فما السبيل؟ قال : السعة في المال وهو ان يكون معه ما يحج ببعضه ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله».
__________________
(١) ص ٨٠ و ١٢٩.
(٢) ص ٨٤.
(٣) ص ١٢٣.
(٤) ص ٦٠ ، وفي الوسائل الباب ٩ من وجوب الحج وشرائطه.