أعرابي فقال له يا رسول الله صلىاللهعليهوآله انى خرجت أريد الحج ففاتني وانا رجل مميل فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج. قال فالتفت اليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له انظر الى ابى قبيس فلو ان أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله ما بلغت به ما يبلغ الحاج. ثم قال ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه إلا كتب الله (عزوجل) له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك ، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه ، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه ، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ، قال فعدد رسول الله صلىاللهعليهوآله كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه. ثم قال انى لك ان تبلغ ما يبلغ الحاج. قال أبو عبد الله عليهالسلام ولا تكتب عليه الذنوب أربعة أشهر وتكتب له الحسنات إلا ان يأتي بكبيرة».
قال في الوافي بعد نقل الخبر : للذنوب أنواع مختلفة في التأثير والتكدير ومراتب متفاوتة في الصغر والكبر فلعله بكل فعل وموقف يخرج من نوع أو مرتبة منها الى ان يطهر منها جميعا ، وفي الحديث : ان من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة. انتهى.
أقول : ومن المحتمل قريبا ـ بل لعله أقرب مما ذكره (قدسسره) ـ ان الغرض من ذلك هو بيان فضل هذه المواقف وان كل موقف منها مكفر للذنوب كملا بمعنى انه لو كان ذا ذنوب لكفرت به لا حصول التكفير بالفعل لتحصل المنافاة بينها ويحتاج الى الجمع بما ذكره ، وهذا مبني على الموازنة في الأعمال والتكفير وحينئذ فإذا كان ثواب الموقف الأول كفر جميع ذنوبه وأسقطها بقي له ثواب المواقف التي بعده سالمة من المقابلة بالذنوب فتكتب له كملا. والله العالم.