الثاني من وجهي التردد ، لأن إيجاب الإعادة بعد العلم لا يستلزم تكليف الغافل. والحاقه بالمخالف قياس مع الفارق. والأصح اختصاص الحكم بالمخالف ، واعتبار استجماع الشرائط المعتبرة في غيره ، لعدم تحقق الامتثال بدونه. انتهى.
أقول : لا يخفى ان مراد شيخنا المذكور (قدسسره) من هذا الكلام إنما هو بالنسبة إلى أصل الحج الواقع من المكلف ، بان يكون من أهل الحق وقد حج حج المخالفين جاهلا بحج الشيعة وكيفيته ، فهل يحكم ببطلانه بناء على عدم معذورية الجاهل ، لتفريطه بالإخلال بعدم تعلم الأحكام الشرعية ، أو يحكم بصحته بناء على انه غافل ويمتنع تكليف الغافل ، لأن الأوامر والنواهي الشرعية إنما تتوجه الى العالم؟ ومرجع ذلك الى معذورية الجاهل ـ كما وقع الحكم به في جملة من أحكام الحج ـ وعدمها. وحينئذ فقول السيد (قدسسره) ـ انه لا يخفى ضعف الوجه الثاني. ثم ذكر في بيان ضعفه : ان إيجاب الإعادة بعد العلم لا يستلزم تكليف الغافل ـ خروج عن محل المسألة ، إذ الكلام إنما هو بالنسبة إلى أصل الحج لا الإعادة ، ولا ريب انه متى كان الفعل صحيحا ـ بناء على معذورية الجاهل كما ذكره شيخنا المذكور ـ فإنه لا إعادة البتة.
نعم يبقى الكلام في انه لو كان حج المخالفين مستلزما لترك شيء من الأركان عند أهل الحق ـ وهذا المحق قد حج حجهم وترك بعض الأركان ، والحال انه لا عذر في ترك الركن ، كما هو ظاهر الأصحاب من الحكم ببطلان الحج بترك بعض أركانه عمدا وجهلا ـ فالحكم بالصحة مشكل.
وكيف كان فتفريع هذه المسألة على ما نحن فيه ـ بناء على ما عرفت من بطلان عبادة المخالف ، وان عدم الإعادة عليه بعد دخوله في الايمان إنما هو تفضل من الله (عزوجل) لا لصحة عبادته ، وان المحق يجب عليه الإتيان بالعبادة على وجهها فمتى أخل بذلك عمدا وجب عليه الإعادة ـ ليس في محله.