بقي الكلام في ما نقله هنا عن التذكرة ، فإنه وان كان كذلك إلا انه لا يخلو من نوع مدافعة لما قدمه في التذكرة في صدر المسألة ، حيث قال : مسألة : وفي وجوب الاستئجار من البلد الذي وجب على الميت الحج فيه ـ اما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه ـ قولان : أحدهما هذا ، وبه قال الحسن البصري وإسحاق ومالك في النذر (١) والثاني انه يجب من أقرب الأماكن إلى مكة وهو الميقات ، وبه قال الشافعي (٢) وهو الأقوى عندي. ثم استدل بنحو ما قدمنا نقله عنهم ، ونقل رواية حريز ورواية علي بن رئاب بالتقريب الذي قدمنا نقله عنهم في ذيلها. الى ان قال : احتج الآخرون بأن الحج وجب على الميت من بلده فوجب ان ينوب عنه منه ، لان القضاء يكون على وفق الأداء كقضاء الصلاة والصيام. ثم قال : ونحن نمنع الوجوب من البلد وإنما ثبت اتفاقا ، ولهذا لو اتفق له اليسار في الميقات لم يجب عليه الرجوع الى بلده لإنشاء الإحرام منه ، فدل على ان قطع المسافة ليس مرادا للشارع. ثم قال : تذنيبات : لو كان له موطنان قال الموجبون للاستنابة من بلده : يستناب من أقربهما ، فإن وجب عليه الحج بخراسان ومات ببغداد ، أو وجب عليه ببغداد فمات بخراسان قال احمد يحج عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته (٣) ويحتمل ان يحج عنه من أقرب المكانين ، لانه لو كان حيا في أقرب المكانين لم يجب عليه من أبعد منه ، فكذا نائبه. انتهى.
أقول : لا يخفى ان ظاهر كلامه في صدر المسألة ان الخلاف في المسألة على قولين ، أحدهما وجوب الاستئجار من البلد الذي وجب على الميت الحج فيه
__________________
(١ و ٢ و ٣) نسبه في المغني ج ٣ ص ٢٤٣.