وكانت الحجة قد وجبت عليه قبل ذلك واستقرت ، وجب ان يحج به عنه من بلده وقال بعض أصحابنا بل من بعض المواقيت ، ولا يلزم الورثة الإجارة من بلده بل من بعض المواقيت. والصحيح الأول ، لأنه كان يجب عليه نفقة الطريق من بلده فلما مات سقط الحج عن بدنه وبقي في ماله بقدر ما كان يجب عليه لو كان حيا من مؤنة الطريق من بلده ، فإذا لم يخلف إلا قدر ما يحج به من بعض المواقيت وجب ايضا ان يحج عنه من ذلك الموضع. وما اخترناه مذهب شيخنا ابي جعفر في نهايته ، وبه تواترت أخبارنا ورواية أصحابنا. والمقالة الأخرى ذكرها في مبسوطه ، وأظنها مذهب المخالفين (١) انتهى.
وهذه العبارة على طولها وتكرار لفظ «بلده» فيها ليس فيها تعرض لذكر بلد الموت ، فأين التصريح الذي ذكره (قدسسره)؟ والمتبادر ـ كما عرفت ـ من بلده انما هو بلد الاستيطان والإقامة مدى الزمان لا بلد الموت ، كان يموت عابر سبيل في بلد من البلدان. وبذلك يظهر عدم الاعتماد على المنقول وان كان من أجلاء الفحول.
ثم انه في المدارك لم يذكر لما استظهره دليلا يدل عليه ولا مستندا يرجع اليه.
ثم قال في المدارك على اثر العبارة التي قدمناها عنه : وقال في التذكرة : ولو كان له موطنا قال الموجبون للاستنابة من البلد : يستناب من أقربهما. وهو غير واضح ، لان دليل الموجبين انما يدل على ما ذكرناه. انتهى.
أقول : أشار بدليل الموجبين الى ما تقدم في صدر عبارته من دعوى كون دليل ابن إدريس الذي هو القائل بهذا القول دل على محل الموت. وقد عرفت ما فيه.
__________________
(١) نسبه في المغني ج ٣ ص ٢٤٣ الى الشافعي.