تعلق النذر بالمشي من البلد ، لان الواجب قطع تلك المسافة في حال المشي وان فعل في أوقات متعددة ، وهو يحصل بالتلفيق ، إلا ان يكون المقصود قطعها كذلك في عام الحج. انتهى.
أقول : قد عرفت ان المستفاد من الاخبار على وجه لا يكاد يعتريه الإنكار ـ كما عرفت وستعرف ان شاء الله تعالى ـ ان المراد بنذر الحج ماشيا انما هو المشي من البلد قاصدا الى البيت منتهيا الى رمي الجمرة ، فالمكلف لما أوجب على نفسه الحج ماشيا مدة طريقه وأيام حجه الى الوقت المذكور تعين عليه ، والإخلال بالمشي كلا أو بعضا موجب لعدم الإتيان بالفعل على الوجه المنذور ، فيبقى في عهدة التكليف الى ان يأتي به كذلك قضاء ان كان النذر معينا وأداء ان كان مطلقا. هذا ما تقتضيه قواعد النذر ، والمسألة خالية من النص على الخصوص فيجب الوقوف فيها على قواعد النذر المتفق عليها بينهم.
وبذلك يظهر ما في كلام العلامة في المختلف حيث قال ـ على اثر الكلام الذي قدمنا نقله عنه ـ ما لفظه : ويحتمل ان يقال بصحة الحج وان كان الزمان معينا وتجب الكفارة ، لأن المشي ليس جزء من الحج ولا صفة من صفاته ، فان الحج مع المشي كالحج مع الركوب ، فيكون قد امتثل نذر الحج وأخل بنذر المشي ، فتجب الكفارة ويصح حجه. انتهى.
وهو راجع الى ما قدمنا نقله عن المعتبر ، وقد عرفت انه انما يتم لو كان المنذور هنا شيئين : أحدهما الحج والثاني المشي ، والظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب ان النذر انما تعلق بالحج مقيدا بالمشي ، فالمنذور شيء واحد وعليه فلا يتم ما ذكره.
وبالجملة فإن الاحتياط في أمثال هذه المقامات الخالية من النصوص من ما يجب المحافظة عليه.