وبراءة ذمة الأجير ، واتفق الأصحاب على استحقاقه جميع الأجرة. فهذا الحكم ثبت على خلاف الأصل ، فلا مجال للطعن فيه بعد الاتفاق عليه. انتهى.
واما المناقشة الثانية (١) ففيها أولا ـ ان كلامه مبني على عدم مدخلية الطريق في الحج مطلقا ، وقد عرفت من ما حققناه سابقا والأخبار التي أوردنا ثمة خلاف ذلك.
واما ثانيا ـ فان الظاهر ان الاستئجار على الحج من الآفاق يلاحظ فيه الطريق سواء أدخلها في الإجارة أم لا ، لأنه من الظاهر البين لكل ذي عقل وروية انه لا يستأجر رجل من خراسان بأجرة الحج من الميقات ويتكلف الزاد والراحلة وجميع أسباب الطريق من ماله في هذه المسافة ، هذا لا يكون ابدا. ومجرد كونه يصح الاستئجار من الميقات لا يمكن اعتباره هنا. وبالجملة فالأحكام إنما تبنى على الافراد المتكررة والمتكثرة لا الفروض النادرة.
والأصحاب انما فرضوا المسألة كما ذكروه بناء على ما ذكرناه ، إلا انه ينقدح عليهم الاشكال من وجه آخر ، وهو انهم قد صرحوا بان الواجب في الاستئجار عن من مات مشغول الذمة بالحج انما هو من الميقات ، والحكم الشرعي فيه انما هو ذلك لما عرفت من كلامهم. وحينئذ لا يتجه هذا الكلام في الطريق إلا ان يكون الاستئجار وقع عليها مضافة الى الحج ، وكلامهم أعم من ذلك.
قال في المدارك بعد الكلام المتقدم : وكيف كان فمتى اتى الأجير ببعض ما استؤجر عليه استحق من الأجرة بتلك النسبة إلى المجموع ، وعلى هذا فان تعلق الاستئجار بالحج خاصة لم يستحق الأجير مع موته قبل الإحرام شيئا من الأجرة ، لخروجه عن العمل المستأجر عليه وان كان من مقدماته ، لأن الأجرة انما
__________________
(١) وهو الاشكال على الإطلاق في الحكم الأول.