دفعها الى من يحج على وجه الاستئجار ، وانما يناسب القول بان الدفع يكون على سبيل الرزق ، وليس بمعروف عندنا وانما يحكى عن بعض العامة (١) وأخبارنا خالية من بيان كيفية الدفع رأسا على حسب ما وصل إلينا منها وبلغه تتبعنا. والظاهر انه لا مانع من الدفع على وجه الرزق ، وانما الكلام في صحة وقوعه بطريق الإجارة ، لما يتراءى من منافرته للإخلاص في العمل باعتبار لزوم القيام به في مقابلة العوض وكونه مستحقا به ، كما هو مقتضى عقد المعاوضة ، بخلاف الرزق فإنه بذل أو تمليك مراعى بحصول العمل ، والعامل فيه لا يخرج عن التخيير بين القيام به فيسقط عنه الحق للزوم وفاء الدافع بالشرط وبين تركه فيرد المدفوع أو عوضه. ولعل الإجماع منعقد بين الأصحاب على قضية الإجارة فلا يلتفت الى ما ينافيه. وإذا كان الدفع على غير وجه الإجارة سائغا أمكن تنزيل هذا الحديث عليه مع زيادة كون الحجتين تطوعا. وانما جاز أخذ الثانية والحال هذه لفوات التمكن من الاولى وعدم تعلق الحج بالذمة على وجه يمنع من غيره كما يفرض في صورة الاستئجار. ومعنى كونه محسوبا لهما حصول الثواب لكل منهما بما بذلك ونوى. ويستفاد من هذا انه لا يكلف برد شيء على الأول. والوجه فيه ظاهر ، فان ما يدفع على سبيل الرزق غير مضمون على الآخذ إلا مع تعدي شرط الدافع ولم يحصل في الفرض الذي ذكر. وينبغي ان يعلم انه ليس المراد بقطع الطريق في الحديث منعه من الحج وانما المراد أخذ قطاع الطريق ما معه بحيث تعذر عليه الوصول الى الحج. انتهى.
أقول : لما كان هذا الخبر بحسب ظاهره يدل على جواز نيابة واحد عن شخصين في عام واحد ـ وقد عرفت في صدر المسألة امتناعه للصحيحة المتقدمة
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ٢٠٧.