وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) (١) يعني : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم ، فلما رأت قريش أن قبة رسول الله صلىاللهعليهوآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم ، حتى انتهى الى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك ، فضربت قبته وضرب الناس أخبيتهم عندها ، فلما زالت الشمس خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثم صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، ثم مضى الى الموقف فوقف به ، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون الى جانبها فنحاها ففعلوا مثل ذلك ، فقال : ايها الناس ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله ، وأومأ بيده الى الموقف ، فتفرق الناس ، وفعل مثل ذلك بالمزدلفة ، فوقف الناس حتى وقع القرص قرص الشمس ، ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى انتهى الى المزدلفة ـ وهو المشعر الحرام ـ فصلى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ثم اقام حتى صلى فيها الفجر ، وعجل ضعفاء بني هاشم بليل ، وأمرهم ان لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ، فلما أضاء له النهار أفاض حتى انتهى الى منى فرمى جمرة العقبة ، وكان الهدي الذي جاء به رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أربعا وستين ، أو ستا وستين ، وجاء علي عليهالسلام بأربع وثلاثين ، أو ست وثلاثين فنحر رسول الله صلىاللهعليهوآله ستا وستين ، ونحر علي عليهالسلام أربعا وثلاثين بدنة ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ان يؤخذ من كل بدنة منها حذوة من لحم ثم تطرح في برمة ثم تطبخ ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام وحسيا من مرقها ، ولم يعطيا الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها وتصدق به ، وحلق وزار البيت ورجع الى منى واقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق ، ثم رمى
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٩٨.