في مسافة الثمانية والأربعين إلى مكة ، مع انه في القاموس صرح بان عسفان على مرحلتين ، والعلامة في التذكرة صرح بان ذات عرق على مرحلتين ، وصاحب المدارك وغيره نقلوا ذلك ، ولم يذكروا معنى المرحلة وانها عبارة عن ما ذا ، والذي وقفت عليه في تفسيرها ما ذكره الفيومي في المصباح ، فإنه قال : والمرحلة المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم ، والجمع مراحل. وظاهر هذه العبارة كونها عبارة عن مسافة يوم ، بان يكون «نحو» في كلامه بمعنى «مثل» كما هو الظاهر. وعلى هذا فتكون المرحلتان عبارة عن مسافة يومين. وفي كتاب شمس العلوم قال : يقال : بينهما مرحلة ، اي مسيرة يوم. وهو صريح في ما ذكرناه.
ومن هنا ينقدح الاشكال المشار إليه ، لأن الثمانية والأربعين ميلا التي جعلت مناطا للفرق بين حاضري مكة وغيرهم عبارة عن يومين ايضا ، لما عرفت من ما صرحوا به في مسافة التقصير من ما قدمنا ذكره آنفا. وبذلك يلزم الإشكال في صحيحة زرارة ، ورواية أبي بصير ، وكذا كلام الأصحاب الذين صرحوا بان عسفان وذات عرق من توابع مكة ، بمعنى انها داخلة في مسافة الثمانية والأربعين ميلا ، والحال ان عسفان ـ كما ذكره في القاموس ـ على مرحلتين من مكة ، وذات عرق كذلك ، كما تقدم في كلام العلامة في التذكرة ، وبموجب كون المرحلتين عبارة عن مسافة يومين كما نقلناه عن أهل اللغة ـ واليومان عبارة عن ثمانية وأربعين ميلا ـ يكون الموضعان المذكوران خارجين عن حدود مكة وملتحقين بالآفاق الموجبة لحج التمتع. ولم أقف على من تنبه لذلك من أصحابنا (رضوان الله عليهم).
وقد عرفت من ظاهر روايتي حماد بن عثمان والحلبي ما يؤيد ما ذكره في القاموس والتذكرة من خروج هذين الموضعين عن حدود مكة وعدم الدخول في حاضري المسجد.
واحتمال حمل صحيحة زرارة ورواية أبي بصير على التقية ـ لما عرفت من ان