وكذا قوله في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج التي قدمها في كلامه ايضا (١) لما قال له السائل : «أليس كل من طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل؟ فقال عليهالسلام : انك تعقد بالتلبية». فإنه في معنى التقرير له على ما ذكره من الإحلال ، لكن أخبره بأنك تعقد ذلك بعد الإحلال بالتلبية. ثم قال له : «كلما طفت طوافا وصليت ركعتين فاعقد بالتلبية» وقضية العقد حصول التحلل قبل ذلك ، إذ لا معنى لعقد شيء معقود.
وسيأتي قريبا (٢) ان شاء الله (تعالى) في صحيحتي عمر بن أذينة وزرارة ما هو صريح في ما قلناه.
ومن ما يعضد ذلك أيضا الأخبار المتقدمة (٣) الدالة على انه ما طاف بالبيت والصفا والمروة أحد إلا أحل أحب أو كره ، فإنها صريحة في حصول الإحلال بذلك ، اتى بالتلبية أم لم يأت ، غاية الأمر أنه إذا اتى بها عقد ما أحله كما دلت عليه الاخبار المتقدمة.
وبمثل ما ذكره في المدارك صرح المحقق المولى الأردبيلي في شرح الإرشاد حيث قال : ويفهم من قوله : «ولا يفتقر. الى آخره» انه حصل التحلل فلا بد من التلبية لعقد الإحرام ، وذلك غير واضح وان كان ظاهر الاخبار ذلك كما أشرنا إليه ، لأن الظاهر ان المراد انه يحصل التحلل بترك التلبية وهي مانعة عنه ، وهو المراد بالعقد بالتلبية ولو كان مجازا ، لا انه يحصل إحرام مجدد كما هو الظاهر من كلام الأصحاب ، وليس مرادهم ، لانه ليس بإحرام بالحج ولا بالعمرة ، لسبق بعض عمل الحج وعدم فعل العمرة ، وهو ظاهر مع حصر الإحرام في إحرامهما. ولانه ما ذكر له وقت ولا ميقات. ولانه ما ذكر له نية ، بل وما قال به أحد على
__________________
(١) ص ٣٨٥.
(٢) ٣٩٦ و ٣٩٧.
(٣) ص ٣٨٧ و ٣٨٨.