وثانيها ـ ان ينوي العدول في نفسه من أول الإحرام بالحج ، ومع ذلك أحرم بالحج وقدم طوافه وسعيه ، فإنه يقصر ويحل ويجعلها عمرة ، وعلى ذلك تدل صحيحة عبد الله بن زرارة وأمر الإمام عليهالسلام أباه زرارة بان يهل بالحج وينوي الفسخ. ونحوها موثقة إسحاق بن عمار.
واما ما ذكره في المدارك ـ حيث قال : ولا يخفى ان العدول انما يتحقق إذا لم يكن ذلك في نية المفرد ابتداء وإلا لم يقع الحج من أصله صحيحا ، لعدم تعلق النية بحج الافراد ، فلا يتحقق العدول عنه كما هو واضح. انتهى ـ
فليس بشيء بعد تصريح الاخبار بجواز ذلك ، لما عرفت من الخبرين المذكورين ، ولما سيأتي من الاخبار الدالة على ذلك في موضعها ان شاء الله تعالى (١)
ومنها ـ صحيحة أحمد بن محمد بن ابي نصر (٢) قال : «قلت لأبي الحسن على بن موسى الرضا عليهالسلام : كيف أصنع إذا أردت أن أتمتع؟ فقال : لب بالحج وانو المتعة ، فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت الركعتين خلف المقام وسعيت بين الصفا والمروة وقصرت ، فنسختها وجعلتها متعة».
واما ما تأوله في المدارك ـ من ان المراد بقوله : «لب بالحج وانو المتعة» يعني : يهل بحج التمتع وينوي الإتيان بعمرة التمتع قبله ـ فتعسف ظاهر فان الحج هنا بل حيث يطلق مع عدم القرينة انما يراد به حج الافراد كما لا يخفى على من له أنس بالاخبار ، وقوله هنا في آخر الخبر : «فنسختها وجعلتها متعة» ظاهر كالصريح في ما ذكرناه.
وبالجملة فإن ظهور هذا النوع من الاخبار أشهر من ان ينكر ، نعم يجب ان يكون مخصوصا بحال التقية كما ذكرنا.
__________________
(١) في الفائدة الرابعة من الفوائد الملحقة بنية الإحرام.
(٢) الوسائل الباب ٢٢ من الإحرام.