ولم أقف في هذه المسألة إلا على صحيحة زرارة المتقدمة (١) الدالة على ان من له أهل بمكة وأهل بالعراق فإنه ينظر الى ما هو الغالب عليه من الإقامة في أيهما فهو من اهله.
واما التخيير بالنسبة إلى متساوي الإقامة فالظاهر انه لا اشكال فيه ، لانه لا جائز ان يأخذ أحدهما بخصوصه بغير دليل ولا مرجح ، ولا يجوز إلغاؤهما معا الموجب لسقوط الفرضين ، فلم يبق إلا الأخذ بهما معا على جهة التخيير. وفي الترجيح بالغلبة ما يشير الى ذلك.
ثم ان ظاهر الصحيحة المذكورة اعتبار الأهل لا مجرد المنزل كما هو المفروض في كلامهم والدائر على ألسنة أقلامهم.
قال في المدارك : يجب تقييد هذا الحكم بما إذا لم تكن إقامته في مكة سنتين متواليتين ، فإنه حينئذ يلزمه حكم أهل مكة وان كانت إقامته في النائي أكثر ، لما تقدم من ان اقامة السنتين توجب انتقال حكم النائي الذي ليس له بمكة مسكن أصلا ، فمن له مسكن أولى.
أقول : ولقائل أن يقول : ان ههنا عمومين تعارضا : أحدهما ـ ما دل على ان ذا المنزلين متى غلبت عليه الإقامة في أحدهما وجب عليه الأخذ بفرضه ، أعم من ان يكون أقام بمكة سنتين أو لم يقم ، فلو فرضنا انه في كل مرة يقيم في المنزل الآفاقي خمس سنين وفي المنزل المكي سنتين أو ثلاثا ، فإنه يجب عليه فرض الآفاقي بمقتضى الخبر المذكور وان كان قد أقام بمكة سنتين ، وثانيهما ـ ما دل على ان المقيم بمكة سنتين ينتقل فرضه الى أهل مكة ، أعم من ان يكون له منزل ناء أم لا ، زادت إقامته فيه أم لا. وتخصيص أحد العمومين بالآخر يحتاج الى
__________________
(١) ص ٤٢٧.