كانت غير صريحة في التخصيص إلا ان الاحتياط يقتضي المصير الى ما ذهبوا اليه.
قال في المدارك بعد نقل بعض اخبار الطرفين : وكيف كان فينبغي القطع بصحة الإحرام من الجحفة وان حصل الإثم بتأخيره عن ذي الحليفة.
أقول : وبذلك صرح الشهيد في الدروس ايضا. ولا يخلو من اشكال ، لأن المتبادر من الروايات الدالة على ان من مر على ميقات غير بلده جاز له الإحرام منه انما هو من لم يمر على ميقات بلده. وحينئذ فمتى قلنا بأن الجحفة ليست ميقاتا للمدني اختيارا وانما ميقاته مسجد ذي الحليفة ـ وقد مر على ميقاته ، مع استفاضة الأخبار بأنه يجب عليه الإحرام منه ولا يجوز تجاوزه إلا محرما ، وقد مر به ولم يحرم منه ـ فانعقاد إحرامه من الجحفة يحتاج الى دليل ، لعدم دخوله تحت الأخبار المشار إليها آنفا كما بيناه. ومن ما يؤيد ما ذكرناه
صحيحة الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم؟ فقال : يرجع الى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم ، وان خشي ان يفوته الحج فليحرم من مكانه». ولا ريب في صدق الخبر المذكور على المدعى وانطباقه عليه.
ثم قال في المدارك ايضا : وانما يتوقف التأخير على الضرورة على القول به مع مروره على ذي الحليفة ، فلو عدل ابتداء عن ذلك الطريق جاز وكان الإحرام من الجحفة اختياريا.
وأورد عليه بان كلامه هذا لا ينطبق على شيء من الاخبار المتقدمة ، لأن بعضها يقتضي المنع من العدول الاختياري مطلقا وبعضها يقتضي جواز العدول مطلقا ، فالتفصيل لا يوافق شيئا من النصوص.
__________________
(١) الوسائل الباب ١٤ من المواقيت.