وعن الرضا عليهالسلام : « ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، إنّما العبادة التفكّر في أمر الله تعالى ». (١)
ثم إنه لايجوز التفكّر في ذاته تعالى بل بعض من صفاته أيضاً لأنه أجلّ من أن يدرك بطوامح العقول والأحلام أو يحيط به غووامض الظنون والأوهام ، فالنظر فيه تعالى يوجب التحيّر والانسجام ولو أمكن لبعض المتجرّدين كان كالبرق الخاطف ولولاه لاحترقوا من سبحات وجهه.
قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « تفكّروا في آلاء الله ولاتفكروا في الله تعالى فإنكم لن تقدروا قدره ». (٢)
وأمّا ما سواه تعالى من عوالم الوجود فهو من مطارح الأنظار ومسارح الأفكار لأنه بأسره من رشحات وجوده وآثار جوده ، وفي كلّ شيء منه من عجائب صنعه وغرائب حكمته ما تعجز عن ادراك عشر من أعشارها عقول ذوي الأحكام.
فمنه ما لا يعرف أصله فلا يمكن التفكر فيه وما يعرف اجمالاً فيمكن التفكّر في تفصيله ، وينقسم إلى عالم الملكوت أي ما لا يدرك بالبصر كالعقول والنفوس والملائكة والجنّ والشياطين ولها أجناس وطبقاتت لايعلمها الا الله وعالم الملك والشهادة أي ما يدرك به وينقسم إلى عالم السماوات وعالم الجوّ وعالم الأرضين ، ولكلّ منها أنواع ولأنواعها أصناف مختلفة في الصفات والهيئات واللوازم والآثار ولا يحيط بها الا موجدها.
ولكلّ منها في حركته وسكونه ووجوده حكم ومصالح لايحيط بها الا مبدعها.
وكلّ منها شواهد عدل على وحدانيّته وكمال قدرته وحكمته وعضمته.
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٥٥ ، كتاب الايمان والكفر ، باب التفكّر ، ح ٤.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٨ / ١٩٣ وفيه : تفكروا في خلق الله ، واجع أيضاً الجامع الصغير : ١ / ١٣٢.