وأنّ خطر العالم أشدّ من الجاهل ، لأنّ الله تعالى يداقّ الناس على قدر عقولهم واستخفاف العالم في معصيته بالله أشدّ ، فالحجّة عليه ثم أتمّ وأوكد.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإنّ أشدّ الناس حسرة وندامة رجل دعا عبداً إلى الله تعالى فاستحباب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الجنّذة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى وطول الأمل ». (١)
وأيّ عالم يطمئنّ بعلمه يجميع ما علمه وامتثاله لجميع ما أريد منه من التحلّذي بالفضائل النفسيّة والأعمال الصالحة والتخلّي عن الرذائل الخلقيّة والاعمال الفاضحه؟ فلو تفكّر في ذلك طال حزنه وخوفه وزال عجبه وكبره ، بل كلّما ازداد علماً وتعقلّاً ازداد تواضعاً وتذلّلاً.
هر كه بيدارتر پر دردتر |
|
هر كه او آگاه تر رخ زردتر |
وإن كان الباعث عليه عبادته ، تأمّل في أنّ المقصود منها تحصيل ملكة العبودية ، أعني الانكسار والذلّة وهو يضاد العجب مع كثرة شرائطها وشدّذة آفاقها الموجبة لحبطها. فمن أين له العلم بحصولها وسلامتها عن آفات قبولها فلو ادّعاه كان في أدون مراتب القصور والجهل بحقائق الأمور. على أنّ فائدتها السعادة ، وهي ممّذا لايعلمها الا العالم بالقضاء الأزلي.
وإن كان أحد الفضائل النفسية ، تأمّذل في اشتراط ظهور خواصها وآثارها بفقد هذه الصفة وإبطالها لها ، فكيف يرضى بارتكاب ما يبطل فضائله التي حصّلها برياضات شاقة وممجاهدات عظيمة ، ولايهتمّ في حفظها؟ ولو علم مشاركة كثير من بني نوعه معه فيها بل مزّيتهم عليه زال إعجابه بها.
ويروى أنه كان من مشاهير الشجعان من يرتعد فرائصه وتضطرب
__________________
١ ـ الكافي : ١ / ٤٤ ، كتاب فضل العلم ، باب استعمال العلم ، ح ١ ، وفيه : « وإنّ أشدّ أهل النار حسرةّ ».