الله به خيراً رزقه خليلاً صالحاً إن نسي ذكّره وإن ذكر أعانه » (١) ، و « ما التقى المؤمنان قط الا أفاد [ الله ] أحدهما من صاحبه خيراً » (٢) ، إنّ حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور ليسوا بأنبياء الله ولا شهداء يغبطهم النبيّون والشهداء ، فقيل : يارسول الله صفهم لنا ، فقال : هم المتحابّون في الله المتجالسون لله المتزاورون في الله » (٣) ، و « أوحى الله إلى داود ما لي أراك متفرّداً وحيداً؟ فقال : إلهي قليت الخلق لأجلك ، فقال : يا داود! كن يقظاناً وقدّر لنفسك إخواناً فكلّ خدن لايوافقك على مسرتي فلا تصحبه ، فإنّه لك عدوّ يقسي قلبك » (٤) والأخبار بهذا المضمون كثيرة.
وكذا ما يدلّ على حسن الخلق وطلاقة الوجه وقضاء حوائج المؤمنين وزيارتهم وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم وغير ذلك ممّا لايحصى.
وما يقال : إنّ غاية ما تدلّ عليه نزع الغوائل عن الصدور وحسن الخلق وذمّ سوء الخلق الذي يمتنع بسببه المؤالفة ولايدخل فيها الحسن الخلق الذي إن خالط ألف والف وإنّما منعه عنها شيء آخر.
مدفوع بأنّه مع عدم جريانه في أكثرها خلاف المتبادر من اللفظ ، وقضية الجمع بينها وبين ما تقدّم على ما يساعده القرائن والاعتبار أنّ لكل منهما فوائد وغوائل ، فمن أمن من غوائل احديهما مع حصول فوائد الاخرى له أو عدم ايتمانه من غوائلها كان الأصلح له اختيارها ، وهو أمر مختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأوقات كالنكاح ، فلابدّ من التدقيق في حال النفس والوقت وما هو الأصلح بحسبه وهو متوقّف على معرفة فوائدهما وغوائلهما.
فمن فوائد الاولى الفراغ للعبادة والتفكّر والانس بمناجاته تعالى ،
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٨٥.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٨٥.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٨٦.
٤ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٨٨.