وأولاده ويتهيّأ لسفر الآخرة ، ويذكر عند تهيئة أسباب الحج وقطع العلائق لسفره تهيئة أسباب الآخرة وقطع العلائق لأجله فما أشبه هذا السفر به.
والثالث : تعظيم قدر البيت وربّه ويعلم [ أنّ ] تركه للأهل والأوطان للعزم على أمر رفيع الشأن أي زيارة بيت الله التي لاتضاهي أسفار الدنيا ، فليحضر في قلبه ماذا يقصد ، وأنّه زيارة ملك الملوك بزيارة بيته حتّى يرزق منتهى مناه فيسعد بالنظر إلى مولاه فينوي أنّه أدركته المنيّة قبل الوصول لقي الله وافداً إليه بمقتضى وعده.
والرابع : أن يفارق في سفره عمّا يشغل قلبه في الطريق أو الطريق أو المقصد من معاملة ونحوها حتى يكون همّه مجرّداً لله ، والقلب مطمئنّاً في ذكره وتعظيم شعائره متذكّراً في كلّ حركة وسكون ما يناسبه.
والخامس : أن يكون زاده حلالاً ويوسّع فيه ويطيّبه ولايغتمّ ببذله وإنفاقه ، إذ إنفاق المال في سبيل الحجّ إنفاق في سبيل الله والدرهم منه بسبعمائة.
وكان السجّاد عليهالسلام إذا حجّ تزوّد من أطيب الزاد من اللوز والسكّر والسويق المحض (١) والمحلّى.
نعم يكره الإسراف بطلب التنعّم والترفّه بصرف أنواع الأطعمة كما هو عادة المترفين.
وأمّا كثرة البذل على المستحقّين فليس بإسراف إذ لا خير في السرف ولاسرف في الخير ، وإن ضاع منه شيء فليطيّب نفسه ولا يجزع من المصائب التي تدركه ، فإنّ درهماً يضيع في هذا السفر يوازي سبعمائة في سبيل الله كما ورد.
والسادس ، حسن الخلق وكثرة التواضع والاجتناب عن الفظاظة والغلظة في الكلام والرفث أي كلّ فحش ولغو ، والفسوق أي ما يخرجه عن
__________________
١ ـ كذا ، والصحيح : المحمّض كما في الفقيه : ٢ / ٢٨٢ ، كتاب الحج ، باب الزاد في السفر.