طاعة الله ، والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ، وليس حسن الخلق مجرّد كفّ الأذى ، بل احتمال الأذى ولين الجانب وخفض الجناح بالنسبة إلى الرفيق والمكاري وسائر الأصحاب.
والسابع : أن يكون أشعث أغبر غير مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر ، فيدخل في المتكبّرين ويخرج من سلك الضعفاء والمساكين ، وإن أمكنه المشي مشي في المشاعر ، فما عندالله شيء أفضل منه إن قصد به رياضة النفس ومشقّتها في سبيل الله ، فلو قصد قلة الإنفاق كان الركوب أفضل ، وكذا إن ضعف عن العمل.
وكان الحسن بن علي عليهالسلام يمشي ويساق معه المحامل ، وإذا أراد الركوب فليشكر الله بقلبه على تسخيره الدوابّ ليتحمّل عنه الأذى ويخفّف عنه المشاقّ ، وليرفق بالدابّة ولايحمّلها ما لاتطيق.
ثم إذا خرج من وطنه وقطع البوادي مشاهداً للميقات والعقبات فليتذكّر مابين الخروج عن الدنيا بالموت إلى يوم القيامة وما فيها من الأهوال ومن هول السارقين هول منكر ونكير ، ومن سباع البوادي وحيّاتها وعقاربها حيّات القبر وأفاعيها وعقاربها وديدانها ، ومن انفراده عن أهل بيته وحشة القبر وكربته.
وبالجملة ؛ يتذكّر في كلّ هول وخوف هول الموت والخوف ممّا بعده.
ثم إذا دخل الميقات ولبس ثوبي الإحرام تذكّر لبس الكفن ، فكما لايلقى الله في بيته بزيّه وعادته ، فكذا لايلقاه بعد الموت الا بذلك ، وهذا الثوب قريب منه ، إذا ليس مخيطاً.
وإذا أحرم ولبّى تذكّر أنّها إجابة نداء الله تعالى ، فليتردّد في الردّ والقبول ترددّ الراجي الخائف متّكلاً على حول الله وقوّته وفضله ورحمته ، فإنّ التلبية أوّل أمره وهو حينئذ في محلّ الخطر.
وقد روي أنّ عليّ بن الحسين عليهالسلام كان إذا أحرم استوت به راحلته