الوهميّة أو الخياليّة ، بل العجم من الحيوانات تؤثّر اللذّات الباطنية عليها كاللكلاب المعلّمة وغيرها ، فإذا كانت الباطنية كذلك فما ظنّك بالعقليّة ، فطوبى لعقول شريفة تمثّلت فيها جلية الحقّ وما يمكنها أن تنال من بهائه ثم عالم الوجود بأسره ، كما أشرنا إليه سابقاً ، ولذا قيل : لو علم الملوك ما نحن فيه من لذّة العلم لحاربونا بالسيوف.
( وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ). (١)
وقال الصادق عليهالسلام : « لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله ما مدّوا أعينهم إلى ما متّع به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها ، وكانت دنياهم عندهم أقلّ ممّا يطؤونه بأرجلهم ولنعموا بمعرفة الله وتلذّذوا بها تلذّذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله ، إنّ معرفة الله أنس من كلّ وحشة ، وصاحب من كلّ وحدة ، ونور من كلّ ظلمة ، وقوّة من كلّ ضعف ، وشفاء من كلّ سقم ... الحديث. » (٢)
وقد ورد في الأخبار الكثيرة تفسير قوله تعالى : ( ما خلقت الجنّ والإنس الا ليعبدون ) (٣)بالمعرفة.
ويشهد له الخبر القدسي : « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف ». (٤)
وافتتح الله تعالى في أول سورة أنزلها على نبيّه بنعمة الايجاد ، ثم العلم فقال :
( اقرأ باسم ربّك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربّك الأكرم * الّذي علم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم ) (٥) تذكيراً لغاية دناءة
__________________
١ ـ الإسراء : ٢١.
٢ ـ الكافي : ٨ / ٢٤٧ ، ح ٢٣٤٧.
٣ ـ الذاريات : ٥٦.
٤ ـ كلمات مكنونه : ٣٣.
٥ ـ العلق : ١ ـ ٥.