يواصل رعايته للدين من خلال تعيين الإمام الذي يستطيع هو وحده أن يحمل هذه المهمّة الثقيلة ، وهو الأنموذج الأكمل والمثل الأعلى لوجود النبي في كل الخصوصيات ، وهو الذي يقود الناس نحو الكمال. من هذا المنطلق كان تعيين الوصي فرضا على النبي ، لذلك نصب الله عليّا بن أبي طالب عليهالسلام وصيا على الأمة كافة ، بواسطة النبي (١).
الثاني : العصمة :
لا بدّ للإمام أو الخليفة أن يكون معصوما مسدّدا لأنّ الإمامة استمرار للنبوة على طول خط الزمن فكما أنّ زمنا ما لم يخل من نبي منذ آدم إلى سيدنا خاتم الأنبياء محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك لن يخلو زمن بعد نبيّنا من وجود إمام يزيل الشبهات ويفسّر الكتاب ويبيّن ويوضّح المتشابهات ، لا سيما وأنّ شريعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ناسخة لكل الشرائع ، فلا بد لها أن تعطي لكل حادثة متجددة حلّا لها ، وهذا لا يمكن حصره في فترة زمنية قصيرة فيتعين إيجاد أشخاص وأفراد كاملين بمنزلة النبي يبينون ما خفي على الناس من معرفة دينهم ، يشرحون لهم ما عجزوا عن حلّه ، وهذا ما يتكفله المعصوم الّذي ينوب عن النبي ، فإذا لم يبعث الله تعالى للناس من يبيّن لهم ما خفي عليهم مع حاجتهم إلى ذلك ، لأدّى ذلك إلى إغرائهم بالقبيح وهو مستحيل عليه تعالى.
والإمام إن لم يكن معصوما لاستلزم احتياجه إلى غيره وهو باطل لاستلزامه التسلسل ، لأنّ فائدة وجوده هي تقويم الاعوجاج ، فإذا احتاج إلى من يقوّمه تسلسل وهو واضح البطلان.
قال العلّامة محمد حسين الطباطبائي (قدسسره) :
«الإمام هو الرابط بين الناس وبين ربّهم في إعطاء الفيوضات الباطنية وأخذها كما أنّ النبي رابط بين الناس وبين ربّهم في أخذ الفيوضات الظاهرية وهي الشرائع الإلهية تنزل بالوحي وتنتشر منه وبتوسطه إلى الناس وفيهم ، والإمام دليل هاد للنفوس إلى مقاماتها كما أن النبي دليل يهدي إلى الاعتقادات الحقة والأعمال الصالحة» (٢).
ولا يخفى أنّ ما ذكره العلّامة الطباطبائي في تعريفه لوظائف الإمام وأنها
__________________
(١) معرفة الإمام : ج ٢ ص ١٢٢ ـ ١٢٣.
(٢) تفسير الميزان : ج ١٤ ص ٣٠٤.