قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى صلىاللهعليهوآلهوسلم من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا : القرآن ، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به ، حتى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلّا بقيّم ، فما قال فيه من شيء كان حقا ، فقلت لهم من قيّم القرآن؟ فقالوا : ابن مسعود قد كان يعلم ، وعمر يعلم وحذيفة يعلم ، قلت كلّه؟ قالوا : لا ، فلم أجد أحدا يقال : أنه يعرف ذلك كلّه إلّا عليّا عليهالسلام وإذا كان الشيء بين القوم ، فقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري وقال هذا : أنا أدري فأشهد أن عليّا عليهالسلام كان قيّم القرآن ، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن ما قال في القرآن فهو حق ، قال : رحمك الله(١).
هذه أهم الوجوه العقلية على وجوب وجود إمام في كل عصر مضافا إلى دليل اللطف العام الدالّ على وجوب نصب الإمام ، باعتبار أنّ نظم المعاش الذي هو مقدمة للمعاد ، ونظم التكاليف النافعة يوم التناد لا يتمّ إلّا بالإمام ، فهو لطف من الله تعالى ، فإنّ اللطف سواء جعلناه بمعنى المقوّم للتكاليف أم المحصّل لها يتوقف على ذلك.
بيان ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ منع اللطف نقض للغرض الإلهي الذي هو الإتيان بالمأمور به ونقض الغرض قبيح يجب تركه.
ثانيهما : أنه مريد للطاعة ، فلو جاز منع اللطف لكان غير مريد لها وهو تناقض.
وأما الوجوه النقلية الدالة على وجوب وجود إمام في كل عصر فكثيرة أيضا منها :
١ ـ دفع تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين :
وهو مرويّ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفريقين.
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين (٢) وتأويل الجاهلين.
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ص ١٦٩.
(٢) السنن الكبرى : ج ١٠ ص ٢٠٩.