وواضح أنّ نتيجة هذه التفاسير الثلاثة في بحثنا تكون واحدة وإن كانت تبحث الموضوع من طرق متباينة.
والجدير ذكره هو أنّنا نقرأ في حديث أنّ رجلاً جاء إلى الرسول صلىاللهعليهوآله وسأل : ما رأسُ العلمِ؟ فأجابَ صلىاللهعليهوآله : «معرفة اللهِ حقَّ معرفته وأضاف : أن تعرفه بلا مثال ولا شبه وتعرفه إلهاً واحداً خالقاً قادراً أوّلاً وآخِراً وظاهراً وباطناً ، لا كفو له ولا مثل له فذاك معرفة الله حقّ معرفته» (١) ومن الواضح أنّ (حقّ معرفته) هذه نسبية وإلّا ـ كما قلنا ـ لا يعرفه على ما هو عليه أحد.
* * *
في الآية الثانية يعتبر القرآن الكريم القائلين بأنّ الله ثالث أقنوم من الأقانيم الثلاثة (٢) كفّاراً : (لَقَد كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا انَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ).
وينبغي الإلتفات إلى أنّ الآية لم تقل : إنّ الذين يعتقدون بالآلهة الثلاثة كفّار ، بل قالت : (إنّ الذين يعتبرون الله أقنوماً ثالثاً أو ذاتاً ثالثة كفّار) ، وقد سلك المفسّرون في فهم مضمون الآية مسالك مختلفة.
فقال بعضهم : إنّ المراد هم الذين يعتقدون أنّ الله جوهر واحد في الذوات الثلاثة (الأب) و (الإبن) و (روح القدس) ، ويقولون : إنّه واحد في عين تعدّده ، كما أنّ لفظ الشمس يشمل قرص الشمس ونورها وحرارتها والثلاثة واحدة (٣).
وبعبارة اخرى : المراد هو عقيدة (التوحيد في التثليث) القائلة بأنّ الله في عين كونه ثلاثة يكون واحداً (وهذا كلام غير معقول طبعاً لأنّ العدد «ثلاثة» لا يساوي «واحداً» أبداً ، إلّاأن يكون أحدهما مجازياً والآخر حقيقيّاً).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ١٤.
(٢) «الأقنوم» بمعنى الأصل والذات وجمعه أقانيم ، وهو تعبير يطلقه النصارى على الآلهة الثلاثة في مسألة التثليث.
(٣) تفسير الكبير ، ج ١٢ ، ص ٦٠.