قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ).
جواب للشرط والجملة خبر للموصول والرابط الضمير في «يعلمه» ودخل عليها الفاء لأنّها وقعت جزاء للشرط ، أي : إنّ الله يعلم أعمالكم ونياتكم فيثيب على الطاعة ويعاقب على المعصية ، ويجازي على ما يستحق من الجزاء ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
والآية مشتملة على الحث على الطاعة والزجر عن المعصية والمخالفة ففيها وعد ووعيد وأكد الوعيد بقوله تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ).
وإنّما عبّر عزوجل بقوله : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) دون سائر التعبيرات لأنّه إخبار عما هو حاصل بالضرورة وكائن لا محالة لأنّ علمه تعالى الأزليّ بجميع ما سواه كلية وجزئية يمتنع أن يزول ، وأما غيره من القبول والثواب فهما مترتبان على امور اخرى ربما لا تتحقق ، فليس كلّ معلوم له تعالى مقبولا لديه.
قوله تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ).
أي : إنّ الظّالمين في إنفاقهم ونذرهم بأن لا يكون في مرضاة الله تعالى ليس لهم أنصار ينصرونهم ولا معين لهم يستعان به سواء في الدنيا أو في الآخرة ، فإنّ المال إنّما يقي الإنسان ويفتدى به عنه إذا كان صرفه وإنفاقه في سبيل الله تعالى وفي مرضاته والا كان هدرا وعلى المنفق حسرة ، وأما الشفعاء فإنّما تنصر الإنسان إذا كان مرضيا عند الله تعالى والمنفق في غير مرضاة الله تعالى لم يكن كذلك والآية المباركة نظير قوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر ـ ١٨].
كما أنّ الآية الشريفة تدل على أنّ الإخلال في الإنفاق أو تركه من الظلم الذي لا يقبل التكفير لأنّه في حقوق الناس وهو لا يقبل التوبة والتكفير الا برد الحق إلى أهله.
ومن ذلك يستفاد الوجه في إتيان الأنصار بصيغة الجمع ، فإنّ جميع أفراد الأنصار منفية عن الظالم في حقوق الناس ما لم يرد الحق إلى صاحبه.