مقدمات التكليف فطلبوا من الرب الرحيم أن لا يؤاخذهم على ذلك كما كان على العكس بالنسبة إلى الذين من قبلهم وطلبوا منه الهداية والتوفيق والرشاد لئلا يقعوا فيما يوجب النسيان والخطأ لما عرفوا من أنفسهم الضعف.
وإنّما قدم النسيان لكثرة ابتلاء الإنسان به حتّى قيل : إنّ اشتقاق اسمه منه.
وإنّما أدخل الرسول نفسه في زمرة المؤمنين وطلب نفي المؤاخذة على النسيان والخطأ باعتبار أنّه (صلىاللهعليهوآله) من حيث ذاته معرّض لذلك وإن كان باعتبار حضوره لدى الله تعالى واعتصامه به في جميع حالاته معصوما منزها عن ذلك كلّه.
قوله تعالى : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا).
الإصر : الضيق والحبس ، والمشقة ، ولم يرد هذا اللفظ في القرآن الكريم الا في ثلاثة مواضع ، أحدها المقام. والثاني قوله تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف ـ ١٥٧] ، والثالث قوله تعالى : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) [آل عمران ـ ٨١] ، أي العهد الضيق الشديد. والمراد به التكاليف الشاقة ، كما أنّ المراد من (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) أهل الكتاب.
والإصر الذي حمل على غيرنا لم يكن بجعل أولي ، بل كان بسبب تمردهم ولجاجهم وأعمالهم الفاسدة ، قال تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [الأنعام ـ ١٤٦]. وقد حكى الله عزوجل في كتابه الكريم كثيرا منها ، وتقدمت قصة ذبح البقرة في هذه السورة ، ويستفاد ذلك أيضا من قوله تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف ـ ١٥٧] ، حيث نسب الإصر إلى أنفسهم لأنّهم السبب في تحمّله ، وفي هذه الآية نسب التحمل إلى الله