حليم لا يعجل بالعقوبة ، قال الله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ (١) وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا (٢) عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ (٣) أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)) [البقرة : ٢ / ٢٣٥]. والخلاصة : يحرم التصريح بخطبة المعتدة ، ويحرم قطعا العقد على المعتدة قبل انقضاء العدة ، مراعاة لحقوق الزوجية ، ولطهارة الرحم وبراءته ومنع اختلاط الأنساب.
متعة الطلاق ومهر غير المدخول بها
لم يهمل الإسلام جانبا من جوانب الحياة الزوجية ، وإنما قرر لها أحكاما شرعية معينة ، سواء في حال التفاهم والتوادد أم في حال النفرة والتباعد ، إبقاء على المودة والمحبة بين الناس ، وتخفيفا لأثر الفرقة والخصام ، فالحب ينبغي أن يكون معتدلا متزنا لا طيش فيه ، ولا تهور ، والكراهية أو البغضاء يلزم أن تكون مؤقتة غير منفرة ، وفيها تسامح وتساهل ، لا تشديد ولا تنفير ، ولا تقاطع ولا تدابر.
وفي هذا الجو من الاعتدال في الحب والفراق ، قرر الشرع ما يسمى بمتعة الطلاق أي الهدية التي يقدمها الرجل لامرأته بعد طلاقها ، وكانت تقدر بثلاثة دنانير أو بثلاثين درهما ، وهي عبارة عن كسوة كاملة : قميص داخلي ـ وخمار رأس وملحفة أي الثوب الظاهري ، ويمتّع كل إنسان على قدره وبحسب ثرائه أو يساره وتوسطه وإعساره ، هذا بثوب ، وهذا بنفقة ، وقد متّع الحسن بن علي رضي الله عنهما بعشرين
__________________
(١) كلام بالتعريض والإشارة لا التصريح.
(٢) أسررتم وأخفيتم.
(٣) المفروض من العدة.