ألفا وزقاق من عسل ، ومتّع شريح القاضي التابعي بخمس مائة درهم ، فهي إذن تتم باتفاق الزوجين على حسب قدرتهما ، فإن اختلفا قدّرها القاضي ، وتكون المتعة تطييبا لنفس المرأة المطلقة ، وجبرا لخاطرها.
وتستحب المتعة لسائر المطلقات بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة ، وهذا الحق على الذين يحسنون المعاملة ، وينظرون إلى المستقبل لتحسين السمعة والعلاقة ، قال الله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)) [البقرة : ٢ / ٢٤١].
وتجب المتعة للمرأة التي لم يسم لها شيء من الصداق (المهر) فتحل المتعة محلّ ما كان ينبغي تحديده وتسميته للمرأة التي طلقت قبل الدخول ، وقد أجمع العلماء على أن التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها ، لا شيء لها غير المتعة ، قال الله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً (١) وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ (٢) حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)) [البقرة : ٢ / ٢٣٦].
نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار تزوج امرأة ، ولم يسم لها صداقا ، ثم طلقها قبل أن يمسها ، فقال له صلىاللهعليهوسلم : «متعها ولو بقلنسوتك». وسبب المتعة أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن التزوج لمعنى الذوق وتحقيق مآرب النفس ، فقال فيما يرويه الطبراني عن أبي موسى : «تزوجوا ولا تطلقوا ، فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات». وأمر النبي بالتزوج لطلب العفة والعصمة ، والتماس ثواب الله ، وقصد دوام الصحبة ، فظن صلحاء المؤمنين أن الطلاق موقع في الإثم ، فنزلت هذه الآية ترفع الحرج عن المطلّق قبل الدخول.
أما المرأة التي سمي لها مهر في عقد الزواج ، وقد طلقت قبل الدخول ، فالواجب لها نصف المهر ، تأخذه في كل حال ، إلا إذا عفت المرأة المطلقة عن ذلك وأسقطت
__________________
(١) قدر إمكانه.
(٢) الفقير الحال.