السلام : إن الله يطلع الشمس من المشرق ، فأطلعها من المغرب ، وتلك حجة لا تقبل المغالطة ، فتحير ودهش الكافر ، والله لا يوفق الكافرين إلى طريق الهداية ، لابتعادهم عنه.
وهل رأيت أيها النبي مثل العزير من بني إسرائيل ، حين مرّ على أهل قرية من أرض بيت المقدس ، بعد تخريب بختنصّر لها ، فصارت خاوية من السكان ، والبيوت قائمة ، أو أن المساكن ساقطة على سقوفها المدمرة ، فقال : كيف يحيى الله أهل هذه القرية ، أو كيف تعود فيها الحياة بالبناء والعمارة والسكان؟ فأماته الله بنفسه ، مائة سنة ، ثم بعثه حيا بعد موته ، فقال له : كم مكثت هنا ميتا؟ قال بحسب ظنه : مكثت يوما أو بعض يوم ، معتقدا أنه نام وأفاق ، قال له ربه : بل مكثت ميتا مائة سنة ، فانظر إلى ما كان معك من طعام وشراب لم يتغير مع طول المدة بقدرة الله ، وانظر إلى حمارك الذي مات كيف نحييه بعد تفرق أجزائه ، ولنجعلك مثالا على البعث بعد الموت ، ودليلا على قدرتنا ، وانظر إلى العظام ، كيف نرفع بعضها من الأرض ، ونضم أجزاءها ، ثم نردها إلى أماكنها ، ثم نسترها باللحم ، فلما اتضح له ذلك عيانا ، بعد تعجب ، قال : أعلم واطمئن أن الله قادر على كل شيء لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
واذكر أيها النبي حين قال إبراهيم الخليل عليهالسلام : رب أرني رؤية عين ، لا رؤية قلب ، ليطمئن قلبي ، كيف تعيد الموتى أحياء ، فقال الله له : أولم تصدق بقدرتي على الإحياء حتى ترى؟ قال : بلى يا رب ، علمت وآمنت بقدرتك ، ولكن سألت ذلك ليزداد يقيني باجتماع المعاينة إلى الاستدلال على الإيمان ، قال : فخذ أربعة طيور ، وضمهن واجمعهن إليك ، ثم قطّعهن ، واجعل في كل جبل من كل واحد منهن جزءا ، ثم نادهنّ ، يجئن إليك مسرعات في الطيران ، واعلم يا إبراهيم أن الله قوي غالب لا يعجزه شيء ، حكيم في صنعه وتدبيره.