الإنفاق في سبيل الله وآدابه
الكثير من الناس ينفقون أموالهم بسخاء وفير على مصالحهم الخاصة وأهوائهم الذاتية ومآربهم المادية ، والقليل من الناس من ينفق شيئا من ماله في سبيل الله والمصلحة العامة العليا للأمة ، لذا رغبّ القرآن الكريم بالإنفاق في سبيل الله ، وأبان أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)) [البقرة : ٢ / ٢٦١]. هذا تصوير مادي محسوس لثواب الإنفاق في سبيل الله وزيادته وأجره ، يدل على أن الأجر يكون بمقدار سبع مائة ضعف ، والله يضاعف لمن يشاء أضعافا مضاعفة ، إذ هو الواسع الفضل ، الكريم العليم بكل شيء ، وهذه الآية في نفقة التطوع ، وسبل الله كثيرة ، وهي جميع ما هو طاعة وعائد بمنفعة على المسلمين والملّة ، وأشهرها وأعظمها غناء : الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا.
قال ابن عمر : لما نزلت هذه الآية قال النبي عليه الصلاة والسلام ـ فيما يرويه ابن حبان في صحيحة وغيره ـ ربّ زد أمتي ، فنزلت : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) فقال : رب زد أمتي ، فنزلت : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
ومن أهم آداب الإنفاق : الإنفاق سرا قاصدا به صاحبه وجه الله لا رياء ولا سمعة ولا شهرة ، ومن آداب الإنفاق الذي يستحق مضاعفة الثواب المذكور إنما هو لمن لم يتبع إنفاقه منّا ولا أذى ، فهذا هو الذي يريد وجه الله تعالى ويرجو ثوابه ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ٢٦٢].
__________________
(١) تعداد الإحسان وإظهاره.
(٢) تطاولا وتفاخرا بالعطاء.