الناس وحاجاتهم ، والأنبياء مهمتهم واحدة ، ودينهم واحد ، وهم إخوة يؤمن كل واحد منهم برسالة الآخر وشريعته ، لذا أخذ الله تعالى ميثاق كل نبي بأنه يلتزم هو ومن آمن به الإيمان بمن أتى بعده من الرسل ، الظاهرة براهينهم ، ويلتزم نصرة بعضهم بعضا.
قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢)) (١) (٢) (٣) [آل عمران : ٣ / ٨١ ـ ٨٢].
قال ابن عباس : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم ، فهو أخذ لميثاق الجميع ، وقال طاوس : أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا. وقال علي بن أبي طالب : ما بعث الله نبيا ـ آدم فمن بعده ـ إلا أخذ عليه العهد في محمد ، لئن بعث وهو حي ، ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره بأخذه على قومه ، ثم تلا هذه الآية.
هذه الآية تذكير للأمم والشعوب بما تضمنه الكتاب الإلهي والنبوة من وجوب إيمان كل نبي وكل فرد من أتباعه برسالات الأنبياء جميعا ، ومنها رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله ، فهو الرسول المصدق لمن تقدمه من الكتب والأنبياء ، وعلى أتباع أولئك الأنبياء الإيمان به ومناصرته ، فذلك نصر لكل نبي سابق.
وقال الله تعالى لمن أخذ عليهم الميثاق من الأنبياء وأقوامهم : أأقررتم وقبلتم ذلك الذي ذكر من الإيمان بالرسول المصدق لما معكم ونصرته ، أقبلتم عهدي وميثاقي المؤكد؟! قالوا : أقررنا وصدقنا ، فقال الله تعالى : فليشهد بعضكم على بعض ، وأنا معكم جميعا ، لا يغيب عن علمي شيء.
__________________
(١) الميثاق : العهد المؤكد.
(٢) الإقرار بالشيء : النطق بما يدل على ثبوته.
(٣) الإصر : العهد المؤكد الذي يمنع من التهاون.