أسباب الهزيمة في غزوة أحد
للنصر أسباب وللهزيمة أسباب ، والمؤمن المتبصر هو الذي يدرك ما يجب عليه الحالين. وقد أبان القرآن أسباب هزيمة المسلمين في غزوة أحد ، للرد على المنافقين المشككين في نبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، قال محمد بن كعب القرظي : لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أحد ، قال ناس من أصحابه : من أين أصابنا هذا ، وقد وعدنا الله النصر؟ فأنزل الله تعالى :
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢)) (١) (٢) (٣) [آل عمران : ٣ / ١٥٢].
أقسم الله تعالى في هذه الآية أنه قد نصر المؤمنين أولا في بداية أمر المعركة وقت أن أخذوا يقتلون المشركين قتلا ، ويفتكون بهم فتكا ، ولكنهم لما طمعوا في الغنائم وانقسموا فريقين : فريق الرماة فوق الجبل تركوا أماكنهم حينما رأوا انهزام المشركين ، وفريق ثبت مكانه وقالوا : لا نخالف أمر الرسول أبدا ، وهم القائد عبد الله بن جبير مع نفر قليل من أصحابه ، والفريق الأول وهم الرماة هم الذين أرادوا الدنيا وتركوا أماكنهم طلبا للغنيمة ، والفريق الثاني هم الذين أرادوا الآخرة وثبتوا في مكانهم ولم يخالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم تحول النصر إلى هزيمة ، وعفا الله عن المخالفين ، وصرف المؤمنين عن المشركين ليمتحن إيمانهم ويظهر الصادقون من المنافقين ، وتاب الله بفضله العظيم على المؤمنين.
ثم ذكّر الله المؤمنين حيث انهزموا ولم يلتفتوا إلى ما وراءهم ، والحال أن الرسول
__________________
(١) أي تقتلونهم بأمر الله وإرادته.
(٢) أي جبنتم وضعفتم.
(٣) ليختبر صبركم.