ونحن نعبد ما تعبدون) فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ). وذكر ابن جرير الطبري أن الإمام كان يومئذ عبد الرحمن بن عوف ، وأن الصلاة صلاة المغرب ، وكان ذلك قبل أن تحرّم الخمر.
وهذا دليل واضح على أن السكر يغطي العقل ، ويؤدي إلى الهذيان وتخليط الكلام ، والإخلال بالعقيدة والعبادة ، فتكون الصلاة باطلة حال السكر ، كما أن الصلاة باطلة حال الجنابة ، بل يحرم على الجنب دخول المساجد ، إلا عبورا من غير مكث ولا توقف أو استقرار في جميع أجزاء المسجد. وقد منع النبي صلىاللهعليهوسلم توجيه البيوت نحو المسجد ، وقال في حديث صحيح رواه أبو داود عن عائشة : «وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، فإني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض». وذكرت الآية : لا تقربوا الصلاة حال الجنابة إلا إذا كنتم عابري سبيل ، أي مجتازي الطريق.
وسبب نزول آية : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) هو ما قال علي رضي الله عنه : نزلت هذه الآية وهي قوله تعالى : (وَلا جُنُباً) في المسافر تصيبه الجنابة ، فيتيمم ويصلي ، وكان نزول آية التيمم في غزوة المريسيع ، فكان صدر الآية في حادثة الخمر ، وعجزها في حادثة السفر.
وتشريع التيمم رخصة ميسّرة للناس ؛ لأن الصلاة تتكرر خمس مرات في اليوم ، ولا يجوز تركها بحال ، إلا أن الطهارة بالوضوء بالماء قد تتعذر على المسلم المصلي لمرض أو عذر ، فرخص الشرع الحكيم الرحيم بالناس في التيمم بالتراب بنحو رمزي ، حتى لا تترك الصلاة من أي إنسان ، وليس الهدف نقل التراب إلى الوجه واليدين ، وإنما أن يقصد الإنسان أرضا طاهرة لا نجاسة فيه ، فيها غبار ، أو حتى على حجر صلب ، أو متاع كمخدة يتناثر منها الغبار ، وكيفية التيمم : نية فرض التيمم وضربتان على تراب ونحوه مما ذكر ، الضربة الأولى للوجه ، والثانية لليدين.