الدولة ، أو لأهل الحل والعقد والخبرة والرأي في الأمة ، فهم أدرى الناس بها وبالكلام فيها.
ذلك أن الأخبار الشائعة إما أن تكون صحيحة أو كاذبة ، وترويج الكذب حرام مثل اختلاق الكذب تماما ، روى مسلم في صحيحة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع» وفي الصحيح : «من حدّث بحديث ، وهو يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين». ونهى الرسول صلىاللهعليهوسلم أيضا في حديث متفق عليه عن قيل وقال ، أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس ، من غير تثبت ولا تدبر ولا تبين أو تحقق. وفي سنن أبي داود : «بئس مطية الرجل : زعموا».
إن التحدث بكل ما يسمع الإنسان ، ونقل الأخبار من غير تثبت أمر ضار بالدولة والأمة ، لذا أوجب القرآن ترك التحدث عن أحوال السلم والحرب إلى المسؤولين والمستشارين والخبراء ، وعقبت الآية على ذلك بأنه لو لا فضل الله عليكم ورحمته بكم أيها المؤمنون إذ هداكم لطاعة الله والرسول ، ووفقكم للرجوع إلى المصدر العلمي الصحيح ، لولا ذلك لاتبعتم ووساوس الشيطان ، وتورطتم في إشاعة ما يضر بالمصلحة العامة.
ثم حسم الله تعالى في الآية الثانية : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أمر الله باتخاذ القرار في الجهاد ، وأمر نبيه بأن يقاتل في سبيل الله وامتثال أوامره ، ولو بنفسه أو وحده إذا أراد الظفر بالأعداء ، فلا تكلف أيها الرسول إلا بفعل نفسك فقط ، وتطالب بتحريض المؤمنين على القتال ، دون تعنيفهم ولا توبيخهم ، وليس المقصود من الآية أن يفرض القتال على النبي صلىاللهعليهوسلم وحده دون الأمة ، وإنما المراد أن يستشعر كل مجاهد أنه يجاهد ولو وحده كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي». وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقت الردة : «ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي».