فضيلة الهجرة في سبيل الله
المسلم في هذا العالم مطالب بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، وإظهار شعائر الله والاعتزاز بمظاهر الإسلام ، فإذا لم يتمكن المسلم من أداء شعائر الله في بلد من البلدان ، كأن تمنع حرية التدين في بعض الأقطار ، فيجب عليه الهجرة من ذلك البلد ، وطلب الإقامة أو الاستيطان في بلد آخر يسمح له بذلك.
قال الله تعالى مبينا وجوب الهجرة : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠)) (١) [النساء : ٤ / ٩٧ ـ ١٠٠].
روى البخاري عن ابن عباس أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثّرون سواد المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيأتي السهم يرمى به ، فيصيب أحدهم فيقتله ، أو يضرب فيقتل ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ).
وروى ابن أبي حاتم وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس قال : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا ، فقال لأهله : احملوني ، فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزل الوحي : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ..).
من المعلوم أن الهجرة من مكة في مبدأ الإسلام قبل الفتح كانت واجبة ، فهاجر
__________________
(١) أي مكانا للهجرة ومأوى يجد فيه الخير.