عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧)) (١) (٢) [المائدة : ٥ / ٤٤ ـ ٤٧].
نزلت هذه الآيات في اليهود الذين بدّلوا حكم التوراة في الرجم ، فجعلوا مكانه الجلد والتسخيم ، أي تسويد الوجه وطلاءه.
والمعنى العام : إنا أنزلنا التوراة على موسى عليهالسلام ، مشتملة على الهدى والنور ، والهدى : الإرشاد في المعتقدات والشرائع ، والنور : ما يستضاء به من أوامرها ونواهيها. وهي قانون يحكم بها الأنبياء المخلصون لله من عهد موسى بن عمران عليهالسلام إلى مدة مجيء محمد صلىاللهعليهوسلم ، يحكمون بمقتضى التوراة لبني إسرائيل وعليهم ، ويحكم بها أيضا الرّبانيّون ، وهم العلماء الحكماء الذين يسوسون الناس بالعلم ، ويحكم بها الأحبار : وهم العلماء رجال الدين ، بسبب ما استحفظوا على كتاب الله شهداء ورقباء وحفاظا يحمونه من التغيير والتحريف.
وإذا كان الحال كما ذكر فلا تخافوا الناس أيها الأحبار ، ولا تكتموا الحق ، من صفة النّبي والبشارة به ، طمعا في نفع دنيوي عاجل ، وخافوا الله وحده ، فلا تحرّفوا كتابه ، خوفا من أحد أو مجاملة لأحد ، فتسقطوا الحدود الواجبة عليهم ، ولا تستبدلوا بآياتي وأحكامي منفعة قليلة عاجلة تأخذونها من الناس ، من رشوة أو طمع
__________________
(١) أي في التوراة.
(٢) أتبعنا على آثار الأنبياء.