سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١)وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)) (١) (٢) (٣) (٤) [المائدة : ٥ / ٥٧ ـ ٦٣].
قال ابن عباس مبيّنا سبب نزول هذه الآيات : كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ونافقا ، وكان رجل من المسلمين يوادّهما ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ) إلى قوله تعالى : (بِما كانُوا يَكْتُمُونَ).
نهى الله تعالى المؤمنين عن اتّخاذ أعدائهم أولياء ، أي حلفاء وأنصارا ، فوسمهم بوسم يحمل النفوس على تجنّبهم ، وذلك اتّخاذهم دين المؤمنين ومشاعرهم هزوا ولعبا ، أي سخرية وازدراء ، ومظهرا من مظاهر اللعب والعبث ، حتى وإن تظاهروا بالمودة والمحبة والعطف ، كما قال الله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤)) [البقرة : ٢ / ١٤].
وشدّد الله على قطع الموالاة ، فأمر الناس المؤمنين بتقوى الله وخشية عذابه ووعيده على الموالاة مع الأعداء ، إن كنتم صادقي الإيمان تحترمون أحكامه وتلتزمون حدوده ، وكل من الأمر بالتقوى والتذكير بالإيمان للتّنفير والتّحذير من أفاعيل الأعداء وشرورهم ومكرهم ، وتنبيه النفوس إلى أن الإيمان الحق يقتضي البعد من العدو.
ومن أفاعيل الأعداء وسوء فعلهم ومظاهر شرّهم : أنكم أيها المؤمنون إذا ناديتم
__________________
(١) الطريق المعتدل وهو الإسلام.
(٢) المال الحرام كالرّشوة والربا.
(٣) العبّاد والعلماء.
(٤) علماء اليهود.