(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩)) (١) (٢) [المائدة : ٥ / ٦٧ ـ ٦٩].
نزلت آية الأمر بالتبليغ كما ذكر الحسن البصري رحمهالله حين قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله بعثني برسالة ، فضقت بها ذرعا ، وعرفت أن الناس مكذّبي ، فوعدني لأبلّغن أو ليعذّبني ، فنزلت الآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ..).
وروى ابن مردويه عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أي آية من السماء أنزلت أشدّ عليك؟ فقال : كنت بمنى أيام موسم ، واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس (أي لا يعلم ممن هم) فنزل علي جبريل فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ..) الآية ، فقمت عند العقبة ، فقلت : أيها الناس ، من ينصرني على أن أبلغ رسالات ربي ، ولكم الجنة؟ أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله ، وأنا رسول الله إليكم ، تفلحوا ، ولكم الجنة ، قال صلىاللهعليهوسلم : فما بقي رجل ولا أمة ولا صبي إلا يرمون علي بالتّراب والحجارة ، ويقول : كذاب صابئ ، فعرض علي عارض ، فقال : اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون ، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك ، فجاء العباس عمه ، فأنقذه منهم ، وطردهم عنه.
يأمر الله تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بالتّبليغ على وجه الاستيفاء والكمال ، والاستمرار والدوام في ذلك ؛ لأنه كان قد بلّغ وبدأ بإبلاغ الرسالة الإلهية إلى قومه ،
__________________
(١) فلا تحزن.
(٢) عبدة الكواكب أو الملائكة ، وهو مبتدأ خبره (كذلك).