تحريم الخمر والميسر ونحوهما
إن دائرة الحرام في الإسلام ضيقة ، ودائرة الحلال أوسع منها بكثير ، والمحرّمات في الإسلام هي التي تؤدي إلى الضرر بالنفس أو المال أو الناحية الأدبية ، أو تكون مستقذرة في نفسها ، ومن هذه المحرمات المنكرات بالنص القطعي اليقيني في القرآن الكريم : الخمر والميسر (القمار) ، والأنصاب ، أي الحجارة التي كانت حول الكعبة المشرفة التي يذبحون عندها قرابينهم ، والأزلام : وهي قطع رقيقة من الخشب كالسهم كانوا يستقسمون بها في الجاهلية ، تفاؤلا أو تشاؤما ، وكانت إما عند الكهان وإما عند الأصنام ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)) (١) (٢) (٣) (٤) [المائدة : ٥ / ٩٠ ـ ٩٣].
نزلت هذه الآيات فيما روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وهم يشربون الخمر ، ويأكلون الميسر ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنهما ، فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ..) الآية ، فقال الناس : ما حرّم علينا إنما قال : إثم كبير ، وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوم من الأيام ، أمّ رجل من المهاجرين أصحابه في المغرب ، فخلط في قراءته ، فأنزل الله آية أشدّ منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النّساء : ٤ / ٤٣].
__________________
(١) الأصنام حول الكعبة.
(٢) قداح الاستقسام في الجاهلية.
(٣) خبيث نجس.
(٤) إثم وحرج.