هذه الآيات ابتداء احتجاج على الكفار بأدلّة قريبة حسّية تثبت قدرة الله ووحدانيته ، والله تعالى هو المحتجّ المبرهن ، والوسيط هو الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأسلوب ذلك : قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين المكذّبين المعاندين : أخبروني عما تفعلون ، إن سلبكم الله نعمة السّمع والبصر والفؤاد ، فتصيرون صمّا عميا بلها ، لا تسمعون قولا ، ولا تبصرون طريقا ، ولا تعقلون نفعا ولا ضررا ، وتنغلق قلوبكم ، فلا تنفذ إليها هداية الله ، ولا تعقل الأمور ، ماذا تفعلون مع آلهتكم التي تعبدونها؟ أكنتم تدعونها لكشف الضّرّ عنكم ، وترجون شفاعتهم لو فعل الله بكم ذلك ، أم كنتم تدعون الله ليردّ عليكم السمع والبصر والفؤاد؟! معنى هذا الاستفهام أنه ليس هناك إله سواه ، فما بال تعلّقكم بالأصنام وتمسّككم بها ، وهي لا تدفع ضررا ولا تأتي بخير؟ انظر أيها النّبي وكل عاقل ، كيف نقلّب الآيات ونكررها على أساليب متعددة ووجوه مختلفة لإقناعهم بوحدانية الله ، ثم هم يعرضون عن دلالاتها وإشاراتها ، ويبقون في ضلالهم سادرين منغمسين ، ولا يتأملون في الآيات بعين مبصرة بعيدة عن التقليد والعصبية.
قل لهم على سبيل الوعيد والتّهديد : أخبروني إن أتاكم عذاب الله فجأة من غير شعور ولا مقدمات ، كما أتى الذين من قبلكم من المكذّبين كالخسف والغرق والزّلزال ، أو أتاكم العذاب جهارا نهارا وأنتم تعاينونه وتنظرون إليه ، أخبروني ماذا أنتم فاعلون؟ هل يهلك بهذا العذاب الشامل إلا القوم الظالمون أنفسهم بالشّرك والاعتقاد الباطل ، وأصرّوا على الكفر والعناد؟!
ثم أوضح الله تعالى مهام الأنبياء والمرسلين ليتأثّروا بها ، ويفيدوا من عطائها ونفعها ، فما نرسل الرّسل إلا ليبشّروا بإنعامنا ورحمتنا لمن آمن ، وبالجنة لمن أسلم ، وينذروا بعذابنا وعقابنا من كذّب وكفر ، ولسنا نرسلهم ليقترح عليهم الآيات ،