وهدانا للإسلام دين المجد والحضارة ، والرّقي واحترام العقل والكرامة الإنسانية ، فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض ، وذهبت بعقله ، وأصبح حيران تائها ، لا يدري كيف يسير؟ والحال أن له أصحابا مخلصين ، على الجادّة المستقيمة ، يدعونه إلى طريق الهدى ، قائلين له : (ائْتِنا) أي بادر إلى اتّباع طريقتنا ، فهي حقّ وخير ورشد.
وبعبارة أخرى : أيصلح أن يكون بعد الهدى أن نعبد الأصنام ، فيكون ذلك منا ارتدادا على العقب ، فيكون كرجل على طريق واضح ، فاستهوته عنه الشياطين ، فخرج عنه إلى دعوتهم ، فيكون حائرا؟
ادع أيها الرسول أولئك المشركين لدين الحق ، وقل لهم : إن هدى الله في قرآنه هو الهدى ، وطريق الإسلام هو الحق ، وهو الصراط المستقيم ، لا ما تدعون إليه من أهوائكم ، فليس ذلك بهدي ، بل هو في نفسه كفر وضلال. وقل لهم : وأمرنا بأن نسلم لله ربّ العالمين ، أي نخلص له العبادة وحده لا شريك له ، فأسلمنا.
وأمرنا أيضا بإقامة الصلاة : وهي الإتيان بها على الوجه الأكمل ، الذي شرعت من أجله : وهو تزكية النفس بمناجاة الله ، والنّهي أو المنع عن الفحشاء والمنكر.
وأمرنا كذلك بتقوى الله ، أي اتّقاء ما يترتّب على مخالفة دين الله وشرعه ، فنكون مأمورين بأمور ثلاثة : هي الإخلاص لله دون إشراك ، وإقامة الصلاة وعبادة الله وحده دون غيره ، والتقوى في جميع الأحوال سرّا وعلنا. والسبب في هذه الأوامر الثلاثة إعداد النفوس للمستقبل ، والخلود الأبدي في الآخرة ، لأن الله يحاسبنا ، وهو الذي إليه تحشرون ، أي تجمعون يوم القيامة ، فيحاسب الخلائق على أعمالهم ، ويجازيهم عليها.
والله الذي نعبده هو خالق السماوات والأرض ومالكهما ومدبرهما بالحق