والعدل والحكمة ، والخلق معناه : الابتداع والإخراج من العدم إلى الوجود ، ومعنى الخلق بالحق : أنه لم يخلق السماوات والأرض باطلا من غير معنى ، بل لمعان مفيدة ولحقائق بيّنة ، منها الاستدلال بها على وجود الصانع الخالق ونزول الأرزاق وغير ذلك.
واذكر أيها الرسول الخلق والإعادة يوم يقول الله للشيء يوم القيامة : (كُنْ فَيَكُونُ) ويوم ينفخ في الصور ، فيصعق كل من في السماوات والأرض ، ويهلك كل مخلوق حتى الملك الذي نفخ فيه. وقول الله هو الحق ، أي قضاؤه هو الحق ، والله سبحانه صاحب الملك ، المطلق في الدنيا والآخرة. ومن صفات الله تعالى أنه عالم الغيب والشهادة ، أي ما غاب عنّا ، وعالم المحسوسات الذي نراه ، وهو سبحانه الحكيم في خلقه ، فلا يفعل ولا يشرع لعباده إلا ما فيه الخير والحكمة والمصلحة ، وهو الخبير بأحوالهم ، المطّلع على سرائرهم ونيّاتهم وضمائرهم. وإذا كان الله هو المتّصف بهذه الصفات ، فهو الأحقّ بالعبادة ، فلا يصحّ لعاقل أن يدعو أو يعبد غير الله تعالى ، لذا قال سبحانه : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) [الجنّ : ٧٢ / ١٨] ، (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ) [الأنعام : ٦ / ٤١].
مجادلة إبراهيم الخليل لأبيه
لقد تحمّل الأنبياء والرّسل عليهم الصلاة والسّلام عناء كبيرا وجهدا عظيما من أجل ترك الناس عبادة الأصنام والأوثان من قديم الزمان ، وكان لسيّدنا إبراهيم الخليل عليهالسلام قدرة بارعة على جدال الوثنيين ، ومنهم أبوه آزر ، الذي تلطّف في مجادلته ، وحاول إقناعه بكل الوسائل ، فلم يستجب آزر لدعوة التوحيد ، بل هدّد إبراهيم عليهالسلام بالقتل رجما بالحجارة إن لم يكف عن دعوته ، قال الله تعالى :