شيئا ذا موضوع مهم ، أما الوحي فذو حقيقة موضوعية لا يمكن إنكارها أو التّحكّم فيها ، وإنما تحدث من قبل الله تعالى بوساطة جبريل عليهالسلام ، أو بغيره كالرؤيا الصادقة في النوم ، وإتيان الملك بصورة بشر مألوف. قال الله تعالى مبيّنا هذه الظاهرة :
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [الأنعام : ٦ / ٩١ ـ ٩٢].
ذكر ابن أبي حاتم وغيره عن سعيد بن جبير ـ في بيان سبب نزول هاتين الآيتين ـ قال : جاء رجل من اليهود يقال له : مالك بن الصيف ، فخاصم النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له النّبي : «أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السّمين؟» وكان حبرا سمينا ، فغضب ، وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فقال له أصحابه : ويحك ، ولا على موسى ، فأنزل الله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ..) الآية.
الله سبحانه هو القادر على كل شيء ، والعالم بكل شيء ، والرّحيم بخلقه ، فأرسل الرّسل ، وأنزل الكتب ، وأوحى إلى الأنبياء شرائعه لهداية الناس وإرشادهم ، أما منكرو الوحي الذين يكفرون برسل الله من الوثنيين والملاحدة فما عرفوا الله حقّ معرفته ، وما عظّموه حقّ تعظيمه ، إذ كذبوا رسله إليهم ، وقالوا : ما أنزل الله كتابا من السّماء.
__________________
(١) ما عظّموه ولا عرفوه.
(٢) أوراقا مكتوبة.
(٣) باطلهم.
(٤) كثير المنافع.
(٥) أهل مكة.