إن هذا لون من الإنذار الموجب للخوف وضرورة الاحتراس والحذر من عواقب الكفر والعصيان.
حيرة الكفّار وندمهم في الآخرة
لم يترك الله البشر يسيرون في الحياة هائمين على وجوههم ، عاملين بشهواتهم وأهوائهم ، وإنما اقتضت رحمته وسوابغ أفضاله تبشيرهم وتحذيرهم ، وبيان ما يصلحهم ويرشدهم إلى أفضل السّبل وأقوم المناهج والطرق ، وذلك بالقرآن المجيد الكامل البيان ، الوافر العطاء والتوجيه ، المشحون بالحكم والمواعظ ، والقصص والعبر ، والوعد والوعيد ، والشرائع والأحكام ، قال الله تعالى مبيّنا خواصّ قرآنه ومزايا كتابه :
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)) (١) (٢) [الأعراف : ٧ / ٥٢ / ٥٣].
القاعدة المعروفة : لقد أعذر من أنذر ، والله أراد أن يقطع معاذير المشركين وتمسّكهم بأعذار واهية لا قيمة لها في الميزان العلمي والعقلي ، فأقسم الله سبحانه بما معناه : لقد جئنا أهل مكة وغيرهم من المشركين بكتاب واضح مبين ، فصّلناه وأوضحنا آياته بالحكم والمواعظ والقصص والأحكام والوعد والوعيد ، على علم تامّ بما فصلناه ، من أجل تصحيح عقيدتهم ، وتطهير نفوسهم ، وإسعاد حياتهم ،
__________________
(١) عاقبته ومآله.
(٢) يكذبون من الشّرك.