علّة تحقق الجنس فالجنس حقيقة مغمورة ومبهمة لا تخرج من الإبهام إلا بفضل الفصل فالفصل والجنس متّحدان زماناً اتحاد المتقوم مع المقوّم ، وعندئذ كيف يمكن أن يبقى الثاني مع ذهاب الأوّل؟
قلت : ما ذكرته صحيح في عالم التكوين دون الاعتبار فلا مانع من قيام الجنس بفصلين متتاليين كالخيمة التي تقوم بدعامة بعد زوال دعامة.
ولكنّ الأمرين غير ثابتين.
أمّا الأوّل : فلأنّ الوجوب أمر بسيط ربما ينحل إلى المفاهيم الثلاثة ، فالجواز والرجحان والالزام يفهم من الوجوب عند التحليل ، فهذه المفاهيم الثلاثة تنضوي تحت لواء الوجوب انضواء الكثرات في الواحد البسيط.
وأمّا الثاني : فلأنّ الوجوب ليس مفاد الأمر فانّ مفاده هو البعث ، وأمّا الوجوب والاستحباب فإنّما يستفاد من القرائن أو من حكم العقل ، فإذا أمر وسكت يحكم العقل بلزوم إطاعة أمر المولى ، لأنّه لا يترك أمر المولى بلا جواب.
كما أنّه إذا أمر ورخّص يستفاد منه الاستحباب ، فالوجوب والاستحباب مفاهيم انتزاعية من الأمر بالشيء حسب ظروف مختلفة.
فاتضح بذلك انّ إمكان البقاء رهن أمرين وكلاهما منتفيان ، لأنّ الوجوب بسيط ، وليس بمركب ، كما أنّ الوجوب والاستحباب ليسا من المجعولات الشرعية بل من المفاهيم الانتزاعية.
ثمّ إنّ للمحقّق الخوئي كلاماً في تفسير الوجوب والحرمة وهو انّ المجعول في الواجبات والمحرّمات ليس إلا اعتبار الفعل على ذمّة المكلّف أو محروميته.