وأمّا الثاني : أعني كون الشيء واجباً مع جواز تركه والإتيان بالآخر.
فقد أجاب عنه انّ هذا خصيصة نحو هذا الوجوب ، فانّ الوجوب على قسمين : تارة يكون الإتيان بأحد الفعلين لا يجزي عن الفعل الآخر كالصلاة والصوم في شهر رمضان ، وأُخرى يكون الوجوب على نحو لو أتى بواحد ممّا تعلّق به الوجوب يغني عن إتيان الآخر وذلك نتيجة تزاحم الأغراض وعدم اجتماعها.
وإلى ذلك يشير المحقّق الخراساني بقوله :
كان كلّ واحد واجباً بنحو من الوجوب يُستكشف عنه تبعاتُه من عدم جواز تركه إلا إلى الآخر. (١)
هذا كلّه حول الإشكال الثاني.
وأمّا الإشكال الثالث : وهو أنّ تعدد الواجب يقتضي تعدد العقاب عند ترك عامّة الأطراف مع أنّهم اتفقوا على وحدة العقاب.
والإجابة عنه واضحة ، وذلك لأنّ تعدد العقاب إمّا لأجل تفويت المصلحتين الملزمتين أو لأجل مخالفة التكليفين الفعليين.
أمّا الأوّل : فلأنّ المفروض عدم إمكان الجمع بين الغرضين وتنافيهما في مقام التأثير في الغرض ، فإذا كان كذلك فليس عليه إلا تحصيل غرض واحد وبفوته يستحقّ عقاباً واحداً.
وأمّا الثاني : فلأنّ الحكمين وإن كانا فعليين ولكن مخالفة التكليفين الفعليين إنّما توجب كثرة العقاب إذا لم يكتف المولى في مقام الامتثال بواحد منهما. ومع هذا التصريح لا ملاك لتعدد العقاب.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٢٦.