والحاصل : انّ الكبرى أي مخالفة كلّ حكم فعلي توجب العقاب ممنوعة ، وإنّما توجبه إذا لم يصرح المولى بأنّه يكفي إتيان واحد منهما ، ففي مثله لا يتعدد العقاب.
فاتّضح بما ذكرنا انّ نظرية المحقّق الخراساني خصوصاً في التخيير الشرعي نظرية صالحة لدفع الإشكالات الثلاثة ، والمؤثر في دفعها هو تعدد الغرض الموجب لتعدد الإرادة والتزاحم بين الأغراض في مقام الامتثال.
نعم يرد على هذه النظرية إشكالان يرجع أحدهما إلى التخيير العقلي والثاني إلى التخيير الشرعي.
أمّا الأوّل : أي التخيير العقلي ، فقد أسس نظريته على قاعدة : « لا يصدر الواحد إلا من واحد » وبما انّ الغرض واحد فلا يصدر إلا من واحد وهو الجهة الجامعة بين إيقاد النار وإسراج المصباح ولا يصدر من كلّ واحد منهما لاستلزامه صدور الواحد عن الكثير.
ولكن القاعدة صحيحة إلا أنّ تطبيقها على المورد تطبيق خاطئ.
أمّا صحّة القاعدة فتظهر بملاحظة أمرين :
الأوّل : انّ صدور شيء عن شيء رهن وجود صلة بينهما ، وإلا يلزم أن يكون كلّ شيء علّة لكلّ شيء ، وهذا ما يعبّر عنه في الفلسفة بقانون السنخية.
مثلاً انّ شرب الماء يزيل العطش دون أكل الخبز ، وهذا يدلّ على وجود صلة بين الأوّلين وعدمها في الآخر.
نعم السنخية المعتبرة هي سنخية ظلية لا سنخية توليدية ( انتاجية ) كالسنخية الموجودة بين المطر والندى.
الثاني : انّ مصب القاعدة هو المعلول البسيط من كلّ الجهات كالعقل