( وَلْتَكُنْ مِنكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون )؟ (١)
قلت : أوّلاً : يحتمل أن تكون لفظة « من » نشأوية لا تبعيضيّة ، مثل قول القائل : « وليكن لي منك صديق » : أي كن صديقاً ، والمراد كونوا أُمّة يدعون إلى الخير.
وثانياً : نفترض انّ « من » تبعيضيّة ، لكن الآية ناظرة إلى حال الامتثال وتجسيد التشريع المتوجّه إلى الكل وانّه يكفي في تحقيقه قيام أُمّة من المسلمين بهذه الفريضة الحيويّة ، بشهادة انّ الأمر بالمعروف فُرض في بعض الآيات على قاطبة المؤمنين ، لا إلى لفيف منهم يقول سبحانه : ( وَالْمُؤْمِنُونَ والمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَولياءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر ). (٢)
ثالثاً : انّ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مراتب :
مرتبة يشمل وجوبها عامّة المؤمنين وذلك كالإنكار بالقلب واللسان وإظهار الاشمئزاز بالوجه ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « أمرنا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة ». (٣)
ومرتبة منها تختص بأصحاب القدرة ، كقطع يد السارق ، وحدّ الزاني ، روى مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : سمعته يقول : وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب على الأُمّة جميعاً؟ فقال : « لا » فقيل له : لم؟ قال : « إنّما هو على القوي المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلاً إلى أيّ من أيّ ، يقول في الحقّ إلى الباطل ، والدليل على ذلك
__________________
١. آل عمران : ١٠٤.
٢. التوبة : ٧١.
٣. الوسائل : ١١ ، الباب ٦ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الحديث ١.